فلسفة الموت
الحقيقة الأكيدة التي عرفها الإنسان منذ القدم أن الموت هو قاهر لجميع بني آدم لذلك تملكته الرغبة في نيل الخلود ، وقد عمل بكل طاقته حتى حصل على عشبة الخلود فسرقتها منه الأفعى ( كما تخبرنا بذلك ملحمة جلجامش ) فبقي عاجزا يفكر في إيجاد مخرج لأمره دون جدوى .
في الحضارة المصرية توصل المصريون القدماء إلى فكرة أن الحياة الدنيا هي مرحلة تنتهي بالموت ليقوم بعدها الأموات فيعيشون حياة أبدية خالدة ، لذلك عمدوا إلى دفن المقتنيات والملابس والأموالإلى جنب الجثة لكي يستفيد منها في العالم الثاني .
اما في الحضارة العراقية فان فكرتهم عن الحياة الدنيا أنها مرحلة يعيشها المرء إلى اجل معين ثم تنتهي بالفناء ، وقد توصلوا إلى معرفة أن الخلود يمكن أن يتم عن طريقين ، أولهما عن طريقالأبناء الذي يكملون مسيرتهم ، وثانيهما عن طريق الأعمال البطولية والانجازات العظيمة التي تخلد ذكرهم بعد الموت .
بينما في الحضارة الهندية فقد اعتقد الهنود بفكرة تناسخ الأرواح والتي تتمثل بأن الروح عندما تخرج من جسد المرء المتوفى ، فإنها تحل في جسد آخرسواء كان ذلك الجسد لإنسان أو حيوان لتستأنف الحياة مرة أخرى .
وقد جاءت الحضارة الإسلامية لتؤكد لنا عن طريق القرآن الكريم الذي لا لبس فيه ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لأنه كلام الله عز وجل ، إن الحياة الدنيا مرحلة امتحان عسير تنتهيبالموت ، تبدأ بعدها مرحلة ثانية أبدية إما في الجنة أو في النار وحسب نتيجة الامتحان، فأما من آمن بالله وعمل صالحا وتزود لآخرته فقد نجح في امتحانه ومأواه الجنةخالدا فيها ، ومن كفر وعمل السوء وأجرم بحق الإنسانية ، فقد فشل في الامتحان وبخس نفسه حقها ، ومقامه الخلود في جهنم .
وخلودنا في الدنيا يتحقق من خلال الأعمال النافعة لبني الإنسان ، والانجازات العلمية والفكرية والحضارية التي يخلفها المرء فتكون صدقة جارية تحتسب له مادام الناس منتفعين منها ، إضافة إلى الولد الصالح الذي يسير على نهج والده فيذكر الآخرين به ويجعله خالدا في ضمائرهم .